العالم ينزف أمواله تحت مقصلة الكساد الأمريكي وأوربا تبادر للإنقاذ

من طرف الجمعة 17 أكتوبر 2008, 7:16 pm

العالم ينزف أمواله تحت مقصلة الكساد الأمريكي وأوربا تبادر للإنقاذ

عواصم – القدس، وكالات – على الرغم من التحسن الطفيف الذي افتتحت عليه اسواق المال صباح هذا اليوم، لتعوض الهبوط الحاد ليوم امس، الا ان الشك وعدم الثقة هي الشعور المسيطرة على سلوك المتعاملين في الاسواق العالمية. ويرى محللون اقتصاديون ان هذا المد والجزر في اسعار الاسهم والسندات مرده الى انتعاش مؤقت للآمال بسبب الخطط المالية التي يتخذها زعماء وقادة الدول الاقتصادية الكبرى. من جهته، اؤكد رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون الحقيقة المرة لاسس الاقتصاد العالمي الحالي قائلا: "إعادة بناء نظامنا المالي الدولي اصبح ضرورة حتمية فنظامنا الحالي أصابه شرخ". واوضح براون في مقال نشر في صحيفة "واشنطن بوست" اليوم الجمعة إن الازمة المالية تمثل لحظة فارقة بالنسبة للاقتصاد العالمي وانه لابد من ايجاد حلول عالمية لانهائها.

واستشهد براون بتأسيس نظام اقتصادي جديد واقامة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وكيان تجاري عالمي في نهاية الحرب العالمية الثانية كنماذج للعمل المطلوب الان للقضاء على الازمة الراهنة. وكتب براون يقول: "اليوم يتطلب الامر هذه الرؤية الشمولية العالمية ذاتها لحل الأزمات والتحديات في عصر مختلف". وأضاف: "هذه لحظة فارقة للاقتصاد العالمي". وتابع أن المؤسسات المالية التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية عفا عليها الزمن و"يجب إعادة بنائها من جديد في عصر جديد تماما توجد فيه منافسة عالمية وليست وطنية واقتصادات مفتوحة وليست مغلقة. إن التدفقات المالية الدولية تبلغ من الضخامة حجما يتيح لها أن تغرق حكومات بمفردها".

في هذا الوقت، أعرب وزير المالية الأمريكية هنري بولسون عن "ندمه تجاه الأخطاء العديدة التي قادت الى اكبر أزمة مالية في سبع عقود". واوضح: "لا نفتخر بالأخطاء التي ارتكبها العديد من الأشخاص، وأحزاب مختلفة... والفشل في انضباط السوق الذي قادنا الى هنا". لكنه قال انه "غير نادم على الخطوات التي اتخذتها الحكومة الأمريكية وتتخذها لحل الازمة".

وفي بروكسل، قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في نهاية قمة أوروبية استمرت يومين "ليس لنا الحق في ان نضيع فرصة إعادة هيكلة نظامنا المالي في القرن الحادي والعشرين". واضاف: "أريد فعلا ان أثير مسألة مستقبل صندوق النقد الدولي ودوره" في الاجتماع الذي سيعقده مع الرئيس الأمريكي جورج بوش في كامب ديفيد غدا السبت. ورأى ان رواتب المدراء التنفيذيين وإصلاحات العملات يجب ان تكون جزءا من قمة مالية دولية أوسع يأمل في ان تعقد في تشرين الثاني في نيويورك عقب الانتخابات الرئاسية.

واعلن ساركوزي إنه طلب من المفوضية الأوروبية بحث إنشاء صندوق مالي مشترك يقدم المساعدة بينها لمصنعي السيارات. واوضح "الأمريكيون قرروا لتوهم منح قروض قيمتها 25 بليون دولار بأسعار مخفضة لأكبر ثلاث شركات تصنع السيارات... ونحن في أوروبا يجب ان نأخذ ظروف المنافسة في الاعتبار". وقد حظيت الخطوة بدعم زعماء أوروبيين، فيما تحفظت عليها برلين ولندن.

وبينما أحجم البيت الأبيض عن الالتزام بتحديد موعد للقمة الدولية التي دعا ساركوزي الى عقدها، ولا أيضا تحديد مكان عقدها، معتبرا انه من السابق لأوانه معرفة مدى التزام الفائز في انتخابات الرئاسة الأمريكية بهذه القمة، دعا رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، الى تشديد الرقابة على النظام المالي. وتوقع صدور إعلان خلال ايام بشأن اجتماع مجموعة الثماني مع القوى الاقتصادية الناشئة مثل الصين والهند والبرازيل "للقيام بعمل مشترك... لإجراء تغيرات كبيرة وجذرية".

من جهة ثانية، استهلت الأسهم الأوروبية تعاملات اليوم بارتفاع واضح في أعقاب الصعود الكبير للأسهم الأمريكية في تعاملات مساء أمس ببورصة وول ستريت بنيويورك وصعود البورصات الآسيوية اليوم.

فبعد انخفاض مؤشر ستوكس 50 للأسهم الأوروبية بنسبة 5 في المئة أمس ارتفع في مستهل تعاملات اليوم بنسبة 1.3 في المئة إلى 2165 نقطة في ظل صعود أسهم قطاع البنوك.

في الوقت نفسه ارتفع مؤشر بورصة لندن الرئيسي بنسبة 1.47 في المئة وارتفع مؤشر كاك الرئيسي ببورصة باريس بنسبة 4.37 في المئة في بداية التعاملات. في الوقت نفسه ارتفعت قيمة الأسهم الألمانية بأكثر من 4 في المئة في بداية تعاملات اليوم.

وكانت الأسهم هبطت في جميع أنحاء العالم امس، وذلك لليوم الثاني على التوالي بحسب تقرير نشرته صحيفة "السفير" اللبنانية، متأثرة بدلائل متزايدة على ان الاقتصاد الأمريكي يتجه نحو حالة من الكساد، وسط تصاعد الدعوات لوضع نظام مالي عالمي جديد، تتزامن مع إصرار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على عقد قمة مالية دولية في تشرين الثاني في نيويورك عقب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو ما رفض البيت الأبيض الالتزام به، على الرغم من ان وزير المالية الأمريكية هنري بولسون اقر صراحة بالمسؤولية الأمريكية عن الازمة المالية عندما عبّر عن "ندمه" حيال الأخطاء التي قادت اليها.

عربيا، تراجعت مؤشرات أسواق المال في ختام أسبوع عاصف بالتذبذب الحاد. وانخفض مؤشر سوق دبي المالية بنسبة 6.5 في المئة، فيما خسر سوق أبو ظبي 5.4 في المئة. وتراجعت بورصة الكويت 1.5 في المئة، بينما سجل مؤشر سوق الدوحة خسائر بنسبة 3.6 في المئة. أما سوق مسقط، فقد أنهت التداولات بانخفاض نسبته 5.7 في المئة، وانخفض مؤشر البحرين بنسبة 1.2 في المئة، في وقت أعلن المصرف المركزي انه سيضمن السيولة للمصارف السعودية فضلا عن الودائع المصرفية. كما شهد مؤشر البورصة المصرية تراجعا بنسبة 3.2 في المئة.

على الضفة الأوروبية، واصلت البورصات أيضا الهبوط، وخسرت عمليا التقدم الذي سجلته الاثنين والثلاثاء. وخسرت بورصة باريس 5.92 في المئة ولندن 5.35 في المئة وفرنكفورت 4.91 في المئة وميلانو 6.78 في المئة. واعلنت بورصة "ميسكس"، إحدى بورصتي موسكو، تعليق المبادلات لمدة ساعة بسبب تدهور أسعار الأسهم، فيما اعلنت وزارة المالية انها ستضخ 80 بليون دولار في المصارف الأسبوع المقبل. وقد أصبح أكبر مصرفين في سويسرا وهما بنك "يو بي اس" و"كريدي سويس"، أحدث من يعلن الحصول على تمويل طارئ.

وفي الولايات المتحدة، واصلت الأسهم الأمريكية تقلباتها. وفقد مؤشر "ستاندرد اند بورز 500" أكثر من 4 في المئة بعد يوم من تكبد السوق أسوأ خسائرها منذ انهيار تشرين الأول العام .1987 وهبط مؤشر داو جونز الصناعي 3.89 في المئة، فيما تراجع مؤشر "ناسداك" ثلاثة ٣ في المئة، قبل ان يعود »داو جونز« ليعوض خسائره ويغلق مرتفعا ٣,٠٤ في المئة، و"ستاندرد اند بورز 500" 2.59 في المئة، و"ناسداك" 3.73 في المئة.

وأعلن مصرف الاستثمار "ميريل لينش"، الذي استحوذ عليه "بنك اوف أميركا"، أنه مني بخسارة صافية بلغت 7.5 مليارات دولار في الربع الثالث من العام الحالي. وسجلت "سيتي غروب" رابع خسارة فصلية على التوالي بلغت 2.82 بليون دولار، في وقت أظهر تقرير حكومي أن أسعار المستهلكين الأمريكية استقرت على غير المتوقع في أيلول (سبتمبر) مع انخفاض تكاليف الطاقة وسط دلائل جديدة على ان الضغوط التضخمية تتراجع.